منذ 8 شهر 1 أسبوع 6 يوم 10 س 23 د 43 ث / الكاتب Zainab Chouman

كتب د. علي حجازي:
"باربي" "وميم"،والمصير العقيم

     قصّة قصيرة
 
   وسائل الإعلام منشغلة بعالم "م" المفروض غصباً على البشر في هذا الكون الذي صودِرَتْ فيه الحريّات ، وكُمَّتْ فيه الأفواه.

   شرع الباحثُ في القصة، والذي درس أعمال الأدباء الذين كتبوا مُسَوِّقينَ فكرة " اللذّة بلا كيف"،  والمنتمين إلى تلك الفلسفةِ الوجوديّة التي تلعنُ المرأة، لأنّها تُنْجِبُ الأطفال والمستقبل، وراح يتذكّرُ "باربي" المنسوبَ إلى باربي ميليسَنْتْ روبرتوس، في سلسلةٍ مِنَ الرِّوايات التي نَشرَتْها شركةُ راندوم هاوس في ستينيّات القرن المنصرم ،  أي في الوقت الذي انشغل فيه كتّابٌ من العالم بتشريع ِ الشذوذِ الجنسي ّ ، فهزّ رأسَهُ وهمس:
" إنّها المحاولةُ العالميّةُ الثانيةُ الهادفةُ إلى إحياء تلك الفكرةِ اللعينة وإشاعتِها، وفرضِها على الناس . فتساءل:
"إذا كان الوجوديّون هادفين إلى دمار البشريّة، فما بال الناس ينساقون منجرفين إلى تعميم هذا القرار السقيم. ولِمَ يُفرضُ على شعوبِ هذا الشرقِ مهدِ الشرائعِ والأديانِ تشريعُ هذا الشذوذ؟

ولِمَ ينبري بعضُ نوّابِ الأمّةِ لِقوننةِ هذا الأمرِ عَبْرَ الندوةِ النيابة؟

أمسكَ القلمَ وراحَ يُحبِّرُ صرخةً لعلّها تجدُ صدىً في أوديةِ عقولِ هؤلاءِالمتحوّلين.

وبعد الانتهاء من الكتابةِ راح يقرأُ ما انْسابَ على الورق: 

" أمسِ وصلوا ، وعلى متن ِ وُعُودٍ أطلقوها للشعبِ الرّاسِفِ تحت أغلال  الفقرِ، والقهر، والجهل؛ وصلوا، فزغردتِ النساءُ، وأقام الرجالُ حلقاتِ الرقصِ(الدبكة)، وعمّتِ الأفراحُ والليالي المِلاح أرجاءَ  الديار،وتعالتِ الأصواتُ مِنْ كُلِّ حَدبٍ وصَوْب:
 -زغردوا يا... التغيير آتٍ لا محالةَ بحمدِ اللهِ ومَنِّه، فالنوّابُ التغيّيريونَ واعدونَ بتحصيلِ حقوقِنا مِنَ المصارِفِ التي قبضت على أعناقِنا وجنى أعمارِنا، وبمحاسبةِ أؤلئك الأشرارِ
المُتَحَكِّمِينَ بكارتيلات النّفط والدواءِ والغذاءِ وبِكُلِّ مايُتيحُ الحياة.

   اليومَ سادَ صمتٌ ثقيل، وبَكَتِ النِّساءُ ، وحَكَّ الرجالُ رؤوسَهُم كثيراً ،  واتَّلعت أعناقُهم، واتَّسعت حدقاتُ عيونِهم،بعدما تسمّروا طويلاً أمامَ الشاشاتِ  التي كانت تعرِضُ وفدَ نوّابِ الأُمّةِالمذكورين، وهم يُباهون بِالإنجازِ العظيم، إنجازِ التَّقدُّمِ بمشروع ِ قانون ِ يُبيحُ الشُّذوذَ الجِنسِيَّ الذي يسمّونه"الجندر"، أي النوع ، كما يُبيحُ تدميرَ أُسِّ الأُسرة، والقضاءَ على المستقبل ِ، عَبْرَ إعدامِ الإنجاب، إذْ الشذوذُ عقيم.
اليومَ، بَكَتِ النساءُ كثراً، وارتفعَ صُراخُ الرِّجال :
يا ويلنا من عذاب الله الذي أمر:
 {إنّها فِطرةُ اللهِ الذي فطرَ الناسَ علَيْها ،لا  تبديل لخلق الله}.
فهؤلاءِ أشباهُ قومِ لُوْط يُشَرِّعونَ اللِّواطَ والسّحاق، وتحصيلَ المُتْعَةِ بِلا كَيْفَ، مع البشر والحيوانات لا همّ، حتى مع الدمى.

يا ويلنا من عذابٍ عظيمٍ، انتخبناهم ليغيِّروا الحالَ القائمةَ ففشلوا، وجاؤوا يغطّون فشلّهُمُ الذريعُ ذاك، بهذا المشروع ِ الغريبِ عن معتقداتِنا وعاداتِنا ، إنّهم يخونونَ الأمانة ، ومن يفعلْ ذلك يفقُدْ الشرعيّة، ويُفسَخْ عقدُ  التمثيلِ معه.

وقف رجلٌ عاقلٌ وقال:
- ما لنا ول"باربي"، ما لنا ولقوم "سادوم وعامورة"، ألم نتّعظ من مصير مدينة بومبي الإيطاليّة المشؤوم؟
 لن نسكتَ، ولن نسمحَ بأنْ نتحوّلَ مُجتمعاً عقيماً لا يُنْتِج.

قال ثان:
- أين الحريّةُ التي تشدّقَ الغربُ بِها طويلاً، ورجالُ شرطته يفصلون بين الأبناء وأهليهم؟
لماذا يفرضون على البشرسلوكاً لايرضونه؟ ولو قَبِلَ بِهِ قادةٌ روحيّونَ ومدنيّون؛ لِمَ ؟

وقال ثالث: 
-"لا تغفر لهم يا أبتاه لأنّهم يدرون ماذا يفعلون "، وبئست أفعالُهم المشؤومةُ هذه، وقانا اللهُ شرَّها.

قال باحث مميّز : حذارِ! إنّهُ الجَنْدَرُ المخادِع*.
ثمَّ وقف رجل قاضٍ مثقّف ومسؤول، بعدما راعَهُ سماعُ أصواتِ المتحولينَ النشازِ، وهي تصرخ في وَجْهِهِ مُعترِضَةً على قرارِه، القاضي بمنع عَرْضِ الفيلمِ الذي يتقمّصُ فيه ممثلونَ معروفونَ أدوارَ دُمىً متحرّكةٍ وقال:
- ليت آباءَ هؤلاءَ كانوا عقيمين ، بل ليتهم كانوا شاذين، لأراحونا من هذه المُوبِقاتِ البشريةِ الرافضةِ التناسُلَ والإنجاب.

رفعَ جمهورٌ مُستاءٌ من هذِهِ النُّسخةِ الجديدةِ القادمةِ علينا ، بعدَ مرورِ ستينَ سنةً ،من تلك الدولةِ العُظمى العقيمةِ المشؤومة، والمتسلّطةِالمُصادِرَةِ حقوقَ البشر، المعتديةِ على القانون ِ الإلٰهيِّ القاضِي بإعمارِ الأرض،وردّدوا:
آمين يا ربّ العالمين.آمين يا إلٰهَ العرشِ العظيم .

قبريخا - جبل عامل


*- "الجندر المخادع" عنوان كتاب أصدره العميد الأستاذ طلال عتريسي، وحاضر فيه في جنوب لبنان في بلدةِ مجدل سلم.